أطفال الأنابيب: ثورة في عالم علاج العقم

أطفال الأنابيب: ثورة في عالم علاج العقم

أطفال الأنابيب (IVF) أو التلقيح المجهري (ICSI)، يعتبر واحدة من أبرز التقنيات التي غيرت مفهوم علاج العقم منذ ظهورها.

بدياة في عام 1978 حيث وًلدت أول طفلة بتقنية أفطال الأنابيب في العالم، وعبر عشرات السنين تطور هذا الإجراء وازدادت التقنيات فعالية ودقة مما قدم الأمل لملايين الأزواج الذين يكافحون لتحقيق حلم الأمومة والأبوة.

الجوانب التاريخية لأطفال الأنابيب

بدأت رحلة أطفال الأنابيب في السبعينيات من القرن الماضي عندما تم تحقيق أول نجاح في هذا المجال. في عام 1978، وُلدت لويز براون في إنجلترا كأول طفل أنابيب في العالم.

هذا الإنجاز الكبير كان نتيجة عمل مشترك بين الجراح الدكتور باتريك ستيبتو وعالم الأحياء الدكتور روبرت إدواردز الاذي نال لاحقاً في عام 2010 جارئزة نوبل على جهوده في مجال الإخصاب خارج الجسم. استغرق الأمر سنوات من الأبحاث والتجارب لتحقيق هذا النجاح، لكن ولادة لويز براون أثبتت أن تقنية الإخصاب خارج الجسم (أطفال الأنابيب IVF) يمكن أن يكون حلاً عمليًا للعقم.

 تطورات تقنية أطفال الأنابيب

منذ ولادة لويز براون، شهدت تقنية أطفال الأنابيب تطورات كبيرة جعلتها أكثر فعالية وأمانًا. إليك بعض من أحدث التطورات في هذا المجال:

  1. تحسين تقنيات تحفيز المبايض:

تم تطوير أدوية جديدة لتحفيز المبايض بشكل أكثر دقة وفعالية، مما يزيد من فرص الحصول على بويضات ناضجة وقابلة للتخصيب؛ كما يُقلل إلى حد كبير من احتمال حدوث متلازمة فرط تهيج المبايض (Ovarian Hyperstimulation Syndrome) وهي حالة من الاستجابة المفرطة لزيادة الهرمونات والتي تتظاهر بألم في البطن وانتفاخ، لكنها في الحالات الشديدة قد تسبب ضيق في التنفس وفرط التخثر وفشل كلوي.

لكن الأدوية الحديثة المُستخدمة لتحريض المبايض أكثر فعالية وأكثر أماناً في نفس الوقت

  1. تقنيات الفحص الجيني للأجنة (PGD):

تسمح هذه التقنية بفحص الأجنة للكشف عن أي اضطرابات جينية قبل زراعتها في الرحم، مما يزيد من فرص الحمل السليم ويقلل من خطر الإجهاض.

تًستخدم هذه التقنية بشكل خاص لكشف بعض الأمراض الوراثية واستبعاد الأجنة المريضة، وإعادة الأجنة السليمة فقط إلى الرحم وتشمل قائمة الأمراض التي يمكمن فحصها عشرات الأمراض.. أشيعها التليف الكيسي، وضمور العضلات الشوكي، وX الهش، وفقر الدم المنجلي.

يتم أخذ خلية واحدة في اليوم الثالث للتخصيب وفحصها بشكل دقيق لتحديد إصابة الجنين، وتُستخدم نفس التقنية أيضاً لفحص جنس الجنين، وتحديد الجنس في حال رغبة الأهل بذلك

  1. تحسين وسائل تجميد الأجنة والبويضات:

تقنية التجميد السريع (Vitrification) تسمح بالحفاظ على جودة الأجنة والبويضات والحيوانات المنوية لفترات طويلة تصل إلى عدة سنوات.

يُعتبر تجميد البويضات وتخزينها خياراً جيداً للحفاظ على خصوبة السيدة، حيث يمكن تجميد البويضات لعدد من السنوات وإجراء أطفال أنابيب لاحقاً... يمكن إجراء تجميد البويضات بعد الزواج، كما يمكن إجراؤه عند الآنسات قبل الزواج في حال تأخر الزواج والخوف من نقص الخصوبة.

أما تجميد الأجنة فيُجرى عادةُ عند وجود عدد كبير من الأجنة الناتجة عن الإخصاب، والرغبة بإعادة المحاولة لاحقاُ مع التقليل من الكلفة والجهد في الدورات القادمة، كما يميل العديد من الأطباء لتفضيل إعادة أجنة مجمدة في حالات محددة منها عدم وصول بطانة الرحم للسماكة المطلوبة.

(يوجد بعض الدراسات التي تفضل إعادة أجنة مجمدة وذلك لارتفاع نسب النجاح، ماهي الممارسة المفضلة؟؟؟)

  1. استخدام الحاضنات الذكية

الحضانات الذكية هي حصانات متطورة مزودة بكاميرات خاصة ودقيقة تسمح بتصوير تطور الجنين وانقسام خلاياه دون الحاجة لفتح الحضانات و إخراج الأجنة منها، وهذا بالتأكيد يُحافظ على بيئة أفضل تساعد على انقسام الخلايا بصورة سليمة.

أما الحضانات العادية التقليدية فهى غير مزودة بكاميرات مراقبة مما يدفع خبير الأجنة لإخراج الأجنة من الحاضنة لفحص انقسام الخلايا عدة مرات.

  1. الذكاء الاصطناعي في اختيار الأجنة:

يُستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل صور الأجنة وتحديد الأجنة الأكثر صحة وملاءمة للزراعة، مما يزيد من فرص نجاح الحمل.

  1. العلاج بالخلايا الجذعية:

تجري الأبحاث حول استخدام الخلايا الجذعية في تحسين نوعية البويضات وإصلاح الأنسجة التناسلية التالفة، مما قد يفتح أفقًا جديدًا لعلاج العقم في المستقبل.

إحصاءات حول أطفال الأنابيب

تشير الاحصاءات إلى أن تقنية أطفال الأنابيب أصبحت من العلاجات الشائعة والفعالة للعقم. وفقًا لتقرير الجمعية الأوروبية للتكاثر البشري وعلم الأجنة (ESHRE)، يتم إجراء أكثر من 2.5 مليون دورة أطفال أنابيب سنويًا حول العالم، مع معدل نجاح يتراوح بين 20% إلى 40% حسب عمر المرأة وحالتها الصحية.

فوائد تقنية أطفال الأنابيب

تقدم تقنية أطفال الأنابيب العديد من الفوائد للأزواج الذين يواجهون تحديات في الحمل:

  1. حل مشاكل التبويض: يمكن التغلب على مشاكل التبويض باستخدام أدوية تحفيز المبايض.
  2. التغلب على انسداد قناتي فالوب: يمكن تجنب الحاجة لقناتي فالوب السليمتين لأن البويضات تُجمع مباشرة من المبايض.
  3. علاج العقم الذكوري: يمكن استخدام تقنية الحقن المجهري (ICSI) لحقن حيوان منوي واحد مباشرة في البويضة، مما يعالج مشاكل العقم الذكوري.
  4. التشخيص الجيني للأجنة: يتيح فحص الأجنة للأمراض الوراثية قبل الزراعة، مما يقلل من خطر انتقال الأمراض الجينية إلى الأطفال.

 خاتمة

قصة أطفال الأنابيب هي قصة ملهمة تُظهر قوة العلم والطب في تحسين حياة الإنسان. فمع كل طفل يُولد من خلال هذه التقنية، يزداد أملنا في مستقبل أفضل يُتيح للجميع تحقيق حلم الإنجاب وتكوين أسرة.

ولكن من المهم التأكيد على أن أطفال الأنابيب لا يُمثل الحل السحري لكل حالات العقم، وأنّه يجب استشارة الطبيب المختص لتحديد أفضل الخيارات العلاجية لكل حالة.